تنويه
يجب علي أن أعترف أولا عن قلة خبرتي – نسبيا – في السينما العربية، ولذا أعتذر مقدما عن أي أخطاء أو إساءة تقدير لأي تفاصيل في الاستعراض أدناه.
تقديم للجزء الأول
عندما صدر الجزء الأول من فيلم “الفيل الأزرق” في 2014 غير الكثير من المفاهيم، فقد يكون أول فيلم منذ فترة طويلة ينجح في تحويل رواية ناجحة best-seller إلى عمل سينمائي متكامل الأركان وهي رواية “الفيل الأزرق” لأحمد المراد، والذي حول روايته لسيناريو الفيلم، كما أن المؤثرات البصرية التي قدمها الجزء الأول كانت غير مسبوقة إطلاقا في السينما المصرية، والتي جعلته فيلم “إثارة نفسية” psychological thriller من طراز عالٍ جدا. وأكد على إبداع المخرج مروان حامد بعد تحفته الفنية “عمارة يعقوبيان”. وأخيراً الفيلم كان من بطولة الرائع كريم عبدالعزيز والذي يصفه البعض بأنه أبرز ممثل مصري في العقد الثاني من هذا القرن.
الجزء الثاني
يأتي الجزء الثاني بعد 5 سنوات، وبأحداث تدور هي أيضا بعد 5 سنوات من نهاية الجزء الأول. هذه المرة لا توجد رواية، بل سيناريو فيلم كتبه أحمد مراد أيضا وأخرجه أيضا مروان حامد ومن بطولة كريم عبدالعزيز أيضا في استمرار للتعاون لربما لصنع فرانشايز مصري غير مسبوق في الساحة.
أحداث الفيلم – بدون حرق – تدور بعد خمس سنوات من الجزء الأول حيث اعتزل د. يحيى راشد (كريم عبدالعزيز) الطب النفسي وتزوج حبيبته لبنى (نيللي عبدالكريم) ويعيش مع ابنتها وابنهما، ولكنه يتلقى اتصال من المستشفى النفسي الذي دارت فيه أحداث الجزء الأول، حيث يلتقي بالمريضة فريدة عبيد (هند صبري) التي تعيد له كابوس الجزء الأول ولكن بشكل أكثر خطورة.
التحليل
نبدأ مع القصة، حيث أن محاولة وضع جزء ثاني لقصة ناجحة جدا ومكتملة الأركان يعتبر مخاطرة، حيث تختفي الكثير من عناصر الدهشة التي تم استهلاكها في الجزء الأول مما يشكل تحديا للكاتب والمخرج. ومع ذلك فالقصة مبهرة جدا رغم افتقارها لعنصر الغموض الذي كان سيد الموقف في الجزء الأول، ولكن ينجح أحمد مراد في ربط الأحداث بشكل رائع جدا مما لا يترك مجالا ولو لثانية واحدة من الملل.
بالنسبة للمؤثرات البصرية، فإن كانت مؤثرات الجزء الأول غير مسبوقة في السينما المصرية فالجزء الثاني رفع السقف كثيرا جدا جدا لدرجة المنافسة الهوليوودية بكل معنى الكلمة. تقنيات التصوير وحركة الكاميرا والجرافيكس في غاية الإتقان. أما الموسيقى التصويرية فهي من عالم آخر، تجعلك متسمرا على طرف الكرسي مشكلة حالات من القلق الغريب creepy moments التي تزيد من إبداع الفيلم.
الأداء التمثيلي لكريم عبدالعزيز أقل ما يقال عنه أنه أسطوري، ينقل للمشاهد جميع الحالات النفسية التي يمر بها الطبيب النفسي يحيى، سواء كانت لحظات ضعف أو أمل، أو ذكاء وحنكة، أو هستيريا جنونية. في المقابل تقدم هند صبري أحد أفضل أدوارها في شخصية المجرمة المجنونة المتلبسة، فتضطر للانتقال بشكل متسارع بين شخصية المريضة وشخصية الوحش الذي يسكنها.
الانطباع
فيلم إثارة نفسية من طراز عالٍ يستعرض التطور الهائل للسينما المصرية في السنوات الأخيرة على جميع المستويات من سيناريو وأداء تمثيلي وإنتاج فني، وبالتالي فمشاهدته ضرورية، ولكن يفضل مشاهدة الجزء الأول قبل هذا لتسهيل ربط الأفكار ببعضها.
ما يفتقر له الفيلم مقارنة بالجزء الأول هو عنصر الغموض، فتوقع خطوات هذا الفيلم أسهل بمراحل مقارنة بالجزء السابق الذي يخادع المشاهد مما يزيد من توتره وتسمره أمام الشاشة.