علبة الفُشار، والحمية الصحية، ومنظومة تقييم أداء الموظف الحكومي

أجرى أحد مراكز الأبحاث دراسة غريبة نوعا ما. قاموا بتوزيع فشار مجاني في إحدى صالات السينما. الفشار تم إعداده قبل العرض بخمسة أيام. كان سيئا (بس مال بلاش).

أُعطي نصف الحضور علب من الحجم الصغير، والنصف الآخر من الحجم الكبير.

بعد نهاية الفيلم سُئِل بعض المشاهدين عن جودة الفشار، وكلهم بلا استثناء عبروا عن استيائهم. البعض طالب باسترجاع فلوسه، نسى إنه ببلاش.

بعد مغادرة القاعة قام الباحثون بوزن ما تبقى من كل علبة فشار لمعرفة الكمية التي أكلها كل شخص (رغم أنه رديء). النتيجة: أصحاب العلب الكبيرة أكلوا أكثر من أصحاب العلب الصغيرة بأكثر من 50%.
قام الباحثون بتكرار التجربة في عدة قاعات سينما حول الولايات المتحدة. النتيجة تكررت. فشار قديم ولا ما قديم، أصحاب العلب الكبيرة دائما يأكلوا أكثر.

التجربة أثبتت للباحثين فرضيتهم وهي أن كل شخص سيحاول استخدام كل ما أعطي ما دامت لا توجد أي قيود خارجية.

لكن الباحثون فكروا من الجانب الآخر فائدة العلب الصغيرة التي دفعت المشاهدين لأكل كمية أٌقل، واستنتجوا أن القيود (الحجم) تساعد علي تغيير السلوك. فمثلا لو أراد شخص الدخول في حمية صحية فاستخدامه لصحن صغير يساعده على الشعور بالامتلاء بكميات أقل، كذلك تناول الطعام بالملعقة أو الشوكة (بدلا ما تضرب بالخمس).

الفكرة العامة أن كثير من محفزات التغيير لا تأتي من الخارج وإنما من البيئة المحيطة، ولإحداث هذا التغيير وجعل الناس تتقبله، عليك وضع حدود تجعل من هذا التغيير يبدو صغيرا وتسهل من عملية تقبله.
لا أدري لماذا مرت هذه التجربة بالذاكرة وأنا أحضر ورشة منظومة تقييم الأداء الفردي بوزارة العمل، بل وأنا أكتب هذه الأسطر لا أدري إن كان هناك أي علاقة أصلاً بين التجربة ومشروع منظومة تقييم الأداء، لكنني سأحاول.

باختصار، ما رأيته في المنظومة الجديدة من دقة وحوكمة كان مبهرا، بل ربما مبهراً “زيادة عن اللزوم”. فمنظومة التقييم الجديدة شاملة ومفصلة وتعتمد على أفضل الممارسات في تقييم الأداء باستخدام الأهداف الذكية SMART ومفهوم الـOKR “ألأهداف والنتائج الرئيسية” ونظام المنحنى Bell Curve لتحقيق نوع من التوزيع الطبيعي Normal Distribution وإعطاء كل هدف وزن weighting ضمن خطة الأداء، وداخل كل هدف مجموعة من النتائج لكل منها وزنها الخاص.

كل هذا جميل، لكن.. وعلى كلام أخوتنا الغرب There’s a big BUT هل هذا التوجه منطقي؟ هل يعتقد صناع القرار بوزارة العمل أن الموظف الحكومي البسيط الذي طول سنواته بالخدمة لم يسمع بـ”تقييم” و “أداء” سيفهم الSMART والOKR وغيرها؟ أتفهم أن الوزارة تريد تطبيق أفضل الممارسات في القطاع الخاص لتطوير أداء الموظفين الحكوميين ولكن ليس باستخدام نظام مؤسسات القطاع الخاص نفسها لا تريد استخدامه بهذا التفصيل الممل.

من ضمن آمال وتطلعات الوزارة أيضا ربط الأهداف الفردية بالأهداف الاستراتيجية باستخدام نظام التتالي cascading أي أن الأهداف الاستراتيجية للوحدة الحكومية (الوزارة مثلا) تتحول لأهداف على مستوى الوكيل مثلا، والذي بدوره يحولها لأهداف على مستوى المديريات العامة، فيقوم كل مدير عام بتحويلها لأهداف عملية على مستوى الدوائر ثم الأقسام ثم الأفراد.

ولو افترضنا أن الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة يتم تحديدها في بداية العام، فإنني سأتوقع أن عملية التتالي هذه ستؤدي لإعداد خطط الأداء الفردي في شهر مايو إن كان ذلك الموظف محظوظا، إذا ماذا كان يُقاس في الأشهر الأربعة الأولى؟

طبعا مقدمة الورشة قالت أنه ستكون هناك لجنة تظلمات للوقوف على أي إشكالية في المنظومة لكنني أجزم من الآن أن لجنة التظلمات ستتحول لمجموعة من اللجان لأن من كان ينتظر ترقيته من أكثر من 7 سنوات لن يرضى أن تذهب عنه لأنه لم يحقق أهدافه الذكية وفق مقياس الBell Curve المعتمد.


الخلاصة.. إن أردت أن تطاع، فاطلب المستطاع.

بواسطة Badr Al Jahwari

رقميون أصليّون.. رقميون مهاجرون

مارك برينسكي 2001

ترجمة: بدر الجهوري

يدهشني أنه في خضم الهرج والمرج السائد حول انحطاط مستوى التعليم في الولايات المتحدة نجد أنفسنا نتجاهل أهم سبب وراء هذا التدهور، وهو أن طلابنا تغيروا.. فطلبة اليوم ليسوا هم الطلبة الذين تم تصميم نظامنا التعليمي لأجلهم.

طلبة اليوم لم يتغيروا تدريجيا فحسب، ولم يغيروا من طرق حديثهم وملبسهم وموضاتهم – كما هو الحال من جيل لآخر – فما حدث لهذا الجيل نقلة نوعية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وهذه النقلة غيرت كل المفاهيم لدرجة أنه ما بات في الإمكان العودة للوراء.. هذه النقلة هي الانتشار الرهيب للتكنولوجيا الرقمية في أواخر القرن العشرين.

طلبة اليوم – بمختلف مراحلهم الدراسية – يمثلون أول جيل ينشأ في هذا العصر الرقمي، عاشوا حياتهم كلها محاطين بالحواسيب وألعاب الفيديو ومشغلات الأسطوانات الموسيقية وكاميرات الفيديو والهواتف المحمولة وكل ما له علاقة بهذا العصر الرقمي. وتشير الإحصائيات أن خريجي الجامعات يقضون أقل من 5000 ساعة من حياتهم في القراءة بينما يمضون أكثر من 10000 ساعة مع ألعاب الفيديو وأكثر من 20000 ساعة في مشاهدة التلفاز، فقد أصبحت ألعاب الكمبيوتر والإنترنت والهواتف المحمولة جزءاً لا يتجزأ من حياتهم.

وبات جلياً أنه نتيجة لهذه البيئة التي عاش فيها أبناؤنا ومدى تداخلهم وتفاعلهم معها، فقد أصبحت طرق تفكيرهم مختلفة تماما عمّن سبقهم، وهذه الاختلافات أبعد مما يتصوره أي متخصص في القضايا التربوية، إذ يقول د. بروس بيري من كلية بيري الطبية أن “التجارب المختلفة تؤدي إلى تكوينات دماغية مختلفة” ولذا فإن أدمغة أطفالنا تغيرت ليس معنويا فحسب وإنما ماديا أيضا نتيجةً لطريقة نموّهم المختلفة.

إذن.. ماذا نسمي هذا الجيل الجديد؟ هناك من يطلق عليهم “جيل الانترنت” وهناك من يسميهم “الجيل الرقمي” بينما أرى شخصيا أن أفضل اسم لهم هو “Digital Natives الرقميّون الأصليّون” لأنهم ولدوا في العصر الرقمي ويتحدثون لغته، وبالتالي فإن اللغة الرقمية هي “لغتهم الأم”. أما نحن فإننا لم نولد في هذا العالم وإنما انجرفنا بشكلٍ أو بآخر إليه، فحق علينا أن نسمى بـ”Digital Immigrants الرقميّون المهاجرون” إذ أننا – كما هو الحال لأي مهاجر يضطر لتعلم لغة العالم المهاجر إليه – نجد من الصعوبة بمكان إخفاء “اللكنة” الخاصة بلغتنا الأصلية، والمقصود هنا هو تمسكنا بماضينا قبل العصر الرقمي كالبحث عن المعلومة في الكتب قبل البحث على الانترنت، أو كقراءة الدليل الإرشادي لأي برنامج قبل استخدامه بدلا من محاولة تعلم البرنامج أثناء استخدامه، فكبار السن في مجتمعنا تمت أدلجتهم “اجتماعيا” بشكلٍ مختلف عن أبنائهم، وهم الآن في طور تعلم لغة جديدة، وكما يقول العلماء فإن أي لغة يتم تعلمها في مرحلة متقدمة من السن تتخزن في جزء مختلفٍ من العقل مما لو تم تعلمها في الصغر.

وهناك الكثير من الأمثلة الواضحة للكنة المهاجر الرقمي، كأن يطبع إيميلاته (أو إن كانت لكنته أكثر غلظاً سيطلب من سكرتيرته أن تطبعها)، أو أن يطبع أي مستند لتحريره (بدلاً من تحريره على الشاشة) أو أن يطلب من زملاء العمل أن يحضروا إلى مكتبه ليطلعهم على موقعٍ أعجبه (بدلا من أن يرسل لهم الرابط)، وبإمكانكم تخيل مواقف مشابهة من تجاربكم. أفضل واحدة بالنسبة لي هي أن يتصل أحدهم ليسألني إن كنت استلمت الإيميل الذي أرسله. صدقوني.. نحن الرقميون المهاجرون حتمٌ علينا أن نضحك على لكنتنا.

ولكن هذه ليست بدعابة، وإنما قضية مفصلية لأن أكبر خطر يهدد نظامنا التعليمي هو أن أساتذتنا (الذين هم بطبيعة الحال مهاجرون رقميون) يتحدثون لغة كلاسيكية (بالنسبة للعصر الرقمي) ويعانون من صعوبة تدريس جيل يتحدث لغةً مختلفة تماما. والأدهى أن الطلاب على علمٍ بهذا، إذ يبدو وكأن المدرسة قد وظّفت وافدين بلغة ركيكة ولهجة غليظة، فلا يستطيع الطلبة فهمهم. ماذا يعني “قرص الهاتف dial” على أية حال؟!!

ولكي لا يكون الموضوع مبالغا فيه، دعوني أسترسل في بعض النقاط، فالرقميون الأصليّون تعودوا على استقبال المعلومات بسرعة، وعلى العمل بالتوازي والقيام بمهام عدة في آن واحد (multi-tasking).. يفضلون مشاهدة الصورة قبل النص (وليس العكس كما يظن الأساتذة).. يعملون بإنتاجية أكبر في شبكات.. يحبذون النتائج الآنية والجوائز الفورية.. يفضلون اللعب على الجد.. هل يبدو أي من هذا مألوفا؟

بيد أن المهاجرين لا يعيرون بالا لهذه المهارات التي اكتسبها الأصليون وأتقنوها من خلال تعاملهم وممارستهم الدائمة، فهذه المهارات غريبة بالنسبة للمهاجرين الذين تعودوا على العمل بالتوالي خطوة فخطوة، وعلى انفراد، وبجدية تامة. يقول الأساتذة “طلبتنا لا _____ كما عهدناهم.. لا أستطيع أن _____ أو _____، ولا يكتثرون لـ______ أو _____ (املؤوا الفراغات بأنفسكم، فالخيارات عدة).

لا يؤمن المهاجرون أن بإمكان طلبتهم التعلم أثناء مشاهدة التلفاز أو الاستماع للموسيقى لأنهم (أي المهاجرين) لا يستطيعون ذلك، وهذا أمرُ طبيعي لأنهم لم يمارسوا هذه المهارة طيلة حياتهم، وإنما يؤمنون أن التعليم لا يمكن – أو لا ينبغي – أن يكون مسلياً، ولماذا يكون مسليا؟ فهم لم يكتسبوا علمهم هذا عن طريق برنامج “افتح يا سمسم”.

ولسوء طالع المهاجرين فتلامذتهم نشأوا مع السرعة الخارقة لألعاب الفيديو وقناة MTV الموسيقية والوصول السريع للمعلومات عن طريق نقر أيقونات وتحميل الملفات الموسيقية، وعلى الهواتف المحمولة في جيوبهم والمكتبات الكاملة في حواسيبهم.. تعودوا على إرسال واستقبال الرسائل بسرعة وأريحية.. تعودوا أن يكونوا متصلين “شبكيا” ببعضهم البعض طوال الوقت.. فلا صبر لديهم للمحاضرات أو للتفكير خطوة بخطوة أو قاعدة “اليوم تَسأل وغدا تُسأل”.

الإشكالية تكمن في أن المهاجرين يفترضون أن طلبتهم لم يتغيروا، وأن طرق التدريس التي استخدمها أساتذتهم معهم ستنجح هنا أيضا، ولكن بات جلياً أن هذه الفرضية ما عادت تنطبق، فطلبة اليوم مختلفون تماما! في فسحة الغداء يقول أحد الأطفال في المرحلة التهميدية http://www.hungry.com”” ويقول آخر في المدرسة الثانوية “في كل مرة أذهب للمدرسة أضطر لخفض طاقتي”.. إذا فالإشكالية ليست في أن الطلبة لا يمكنهم التركيز وإنما لا يريدون التركيز، فمن وجهة نظرهم التعليم على يد هؤلاء المهاجرين لا يستحق أن يعار له أي انتباه مقارنة بالخبرات التي يكتسبونها يوميا.

يقول أحد الطلبة “ذهبت إلى كلية مرموقة تخرّج كل أساتذتها من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، ولكن كل ما قاموا به أن قرأوا من الكتب.. فقررت المغادرة”. وفي تلك الفترة – بداية عصر الانترنت – كانت الوظائف متاحة والمؤهلات الدراسية لم تكن مهمة، إلا أننا اليوم نرى من غادر مقاعد الدراسة يعود إليها بعد ان أصبح المؤهل الدراسي ضرورة حتمية، وبالتالي يضطر هؤلاء الطلبة الرقميون الأصليون لمواجهة المهاجرين مرة أخرى، وستكون مواجهة أكثر ضراوة بالنظر إلى الخبرات التي اكتسبها هؤلاء الطلبة وهم خارج مقاعد الدراسة، إذ تكون مهمة تدريسهم أكثر صعوبة باستخدام الطرق التقليدية.

ما الحل إذن؟ هل على الأصليين التعود على الطرق الكلاسيكية أم على المهاجرين تعلم الجديد؟ لسوء حظ المهاجرين، فإنهم مهما حاولوا لن يرضى الأصليون بالعودة للوراء، أولا لأنه علميا محال خاصة أن أدمغتهم مختلفة بالفعل، وثانيا لأن هذا يتعارض مع ما نعرفه عن الهجرة الثقافية التي تقتضي أن يرفض أي طفل ولد في عالم جديد تعلم لغته القديمة ويقبل على تعلم لغة الثقافة التي ولد فيها، أما المهاجرين (الأذكياء منهم) فإنهم يرضون بواقع أن هذا العالم جديد عليهم وبالتالي يساعدون أبناءهم على الانخراط والاندماج مع هذه الثقافة الجديدة وتعلم لغتها، أما من لهم نصيبٌ أقل من الذكاء فإنهم يمضون حياتهم في البكاء على الأطلال والتغني بماضيهم التليد.

لذا – بدلا من أن ننسى تعليم الرقميين الأصليين ونتركهم حتى يكبروا ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم – وجب علينا مواجهة هذه المعضلة، وتكون هذه المواجهة بإعادة النظر ليس في طرق التدريس فحسب وإنما في المحتوى العلمي أيضا.

فمن ناحية طرق التدريس، على المدرسين أن يخاطبوا طلبتهم باللغة والأسلوب الذين يناسبانهم، وهذا بالطبع لا يعني تغيير الأولويات أو المهارات، وإنما أن تكون بإعطائهم المعلومة مباشرة، ليس خطوة بخطوة وإنما بشكل متوازٍ.. قد يتساءل المدرسون “كيف ندرس المنطق بهذه الطريقة؟” الجواب لهذا السؤال ليس جليا الآن لكننا حتما سنجد إجابة له.

أما على صعيد المحتوى فإن النقلة النوعية التي أشرنا لها في بداية حديثنا تجعلنا نصنف المحتوى إلى قسمين: التراث والمستقبل. فالمحتوى التراثي يشمل مهارات القراءة والكتابة والحساب والتفكير المنطقي وفهم واستيعاب الماضي.. أي بمعنى آخر كل ما هو في مناهجنا التقليدية. فهذه لا زالت مهمة بالطبع ولكنها الآن تنتمي لعصرٍ آخر، فمنها – كالتفكير المنطقي على سبيل المثال – ما لا يزال مهما الآن، ومنها – كالهندسة الإقليدية – ما أصبح ذكرى غابرة مثلها مثل اللغة اليونانية واللاتينية.

أما المحتوى المستقبلي فيركز – بطبيعة الحال – على التكنولوجيا والعالم الرقمي، ولكنه لا يركز على البرامج والأجهزة والروبوتات وتكنولوجيا الجزيئات وهندسة الجينات فحسب، بل يشمل الأخلاق والسياسة وعلم الاجتماع واللغات وكل ما له علاقة بهذا العالم. لهذا المحتوى المستقبلي شعبية واسعة لدى طلبتنا ولكن مَن مِن المهاجرين الرقميين مستعدٌّ لتدريسه؟ أذكر أن أحدهم اقترح أن يسمح للطلبة استخدام الحواسيب التي يصنعونها بأنفسهم، وبرغم ما أجد في الفكرة من عبقرية خاصة أنها قابلة للتطبيق من وجهة نظر الطلبة إلا أنني أتساءل “من سيقوم بعملية التدريس؟”

كمعلمين يجب علينا أن نفكر كيف ندرس المحتويين (التراثي والمستقبلي) بلغة الرقميين الأصليين، فالأول يستوجب ترجمة شاملة وتغيير جذري في أسلوب التدريس، بينما يحتاج الثاني لما سبق بالإضافة إلى محتوىً وفكرٍ جديدين. وحقيقة لا أدري أيهما أكثر صعوبة، أن أتعلم شيئا جديدا أو أن أتعلم طرقاً جديدة للقيام بأشياء قديمة. حسنا.. يبدو أن الثانية أصعب.

لذا.. وجب علينا أن نبتكر، وليس بالضرورة أن نبدأ من الصفر، فكثير من عمليات تكييف المواد التربوية لتتواءم ولغة الرقميين قد تمت بنجاح وما علينا سوى ابتكار أفكارٍ جديدة، كتصميم ألعاب فيديو حتى ولو كانت لقضايا في غاية الجدية والحساسية، فمجرد طرح فكرة “ألعاب الفيديو” كفيلة بشد انتباه الطالب إلى الموضوع.

قبل فترة وجيزة جاء مجموعة من العلماء إلى شركتي ليعرضوا برنامجا جديدا للتصميم الهندسي بواسطة الكمبيوتر (Computer Aided Design C.A.D.) وقد صمم خصيصا للمهندسين الميكانيكيين، وكان ابتكارهم أفضل بكثير من البرامج المستخدمة في ذلك الوقت لدرجة أنهم كانوا على يقين أن هذا البرنامج سيحقق نجاحا باهرا، ولكنهم فوجؤوا بسيلٍ من ردود الفعل السلبية والسبب العدد الهائل من الأوامر والأزرار التي تتطلب عقلية فذة لاحترافها.

ولكن كان لمدير تسويقهم رأيٌ آخر إذ خطرت بباله فكرة مذهلة، فبالنظر لمستخدمي برامج التصميم الهندسي اكتشف أنهم مهندسون رجال تتراوح أعمارهم بين العشرين والثلاثين، فقال “لمَ لا نجعل طريقة تعلم البرنامج عبارة عن لعبة فيديو؟” فقمنا نحن بتصميم لعبة فيديو بأسلوب التصويب كألعاب Doom و Quake وأسميناها (The Monkey Wrench Conspiracy) حيث يكون البطل فيها عميل خاص لما بين المجرات ومهمته إنقاذ محطة فضاء من هجوم الشرير Dr. Monkey Wrench، والطريقة الوحيدة لإنقاذ المحطة هي باستخدام برنامج تصميم هندسي يقوم فيه المستخدم بتصميم أدوات وإصلاح أسلحة وتفجير أفخاخ، وتستهلك اللعبة ساعة لإكمالها بالإضافة إلى 30 مهمة إضافية قد تستغرق من 15 دقيقة إلى عدة ساعات لإنجازها حسب خبرة ومهارة المستخدم.

نجحت لعبة Monkey Wrench في جعل الشباب يقبل على تعلم البرنامج ولا زالت تستخدم بشكل كبير في كل أنحاء العالم، وقد بيعت منها أكثر من مليون نسخة بلغات مختلفة. ورغم أن تصميم اللعبة كان سهلا بالنسبة للمبرمجين (الرقميين الأصليين) لدي إلا أن إضافة المحتوى بالنسبة للأساتذة الجامعيين كان في غاية الصعوبة، خاصة أنهم تعودوا على نسق “الدرس الأول: الواجهة… الدرس الثاني…. إلخ” فطلبنا منهم تصميم سلسلة من المهام تحتوي على المهارات التي على الطالب أن يتعلمها، فقام الأساتذة بتصميم مقاطع فيديو مدتها من 5 إلى 10 دقائق تشرح أهم المكونات لهذا البرنامج، طلبنا منهم تقليص هذه المقاطع إلى 30 ثانية. كما أصر الأساتذة على أن الطلبة يجب أن يتعلموا البرنامج وفق خطوات محددة، فطلبنا منهم السماح للطلبة بتعلم البرنامج على طريقتهم العشوائية. أصر الأساتذة أيضا على نسق متأنٍ للدرس ولكننا رأينا أن الطلبة بحاجة إلى السرعة فقمنا بالاستعانة بكاتب سيناريو من هوليوود لوضع خطة سريعة للمقرر. أراد الأساتذة إرشادات توضيحية مكتوبة وأردنا نحن مشاهد فيديو توضيحية. أرادوا اللغة التربوية التقليدية (الأهداف… إلخ) بينما كان هدفنا الأساسي إزالة كل ما له علاقة من قريب أوبعيد بلفظة تعليم أو تربية.

كل هذه التغييرات أثبتت فاعليتها إذ نجح الأساتذة في تنفيذ هذا المقرر، ولكن بسبب التغير الجذري في طريقة التدريس استغرقوا ضعف المدة المتوقعة. ومع استخدام تقنية “الرقميين الأصليين” بشكل متواصل أدركوا فاعليتها، والتي أدت إلى تطور ملحوظ في إنتاجيتهم لاحقا.

ما قمنا به من إعادة تقويم المقرر يجب أن يحدث لكل أنواع المقررات وعلى مختلف المستويات، ورغم أن معظم محاولات ترسيخ فكرة “تعلم واستمتع” باءت بالفشل إلا أننا نتوقع لها مستقبلا أفضل.

ففي الرياضيات على سبيل المثل، يجب أن لا يكون الجدل حول السماح للطلبة باستخدام الآلة الحاسبة أو لا، فقد باتت جزءا لا يتجزء من حياتهم الرقمية، وإنما يجب أن يكون الحوار حول كيفية استخدام هذه الحاسبة للوصول إلى أفضل النتائج كاختصارات الأزرار وجداول الضرب، كما يجب التفكير في “الرياضيات المستقبلية” كالتقريب والإحصائيات والتفكير الثنائي.

أما في الجغرافيا – والتي باتت مهملة في وقتنا الحالي – فليس بمستحيل على جيل يستطيع حفظ أكثر من 100 شخصية بوكيمون بتاريخها ومراحل تطورها وخصائصها أن يحفظ أسماء وعدد سكان وعواصم والعلاقات بين 101 دولة في العالم. كله يعتمد على كيفية تقديم المعلومة.. لا أكثر.

يجب علينا أن نعمل على تطبيق عقلية الرقميين الأصليين في جميع المقررات وعلى جميع المستويات بمساعدة طلبتنا، وقد بدأ هذا بالفعل فهناك من الأساتذة الجامعيين من يقوم بتصميم ألعاب لتدريس الرياضيات والهندسة واللغة الإسبانية. كل ما علينا فعله نشر الوعي وإعلام الآخرين عن نجاحات هؤلاء.

بيد أن هناك اعتراض سمعته عدة مرات من الأساتذة وهو أن أسلوب التدريس الجديد يصلح للحقائق العلمية فقط، وحقيقة أعتبر هذا الاعتراض هراءً فهو تبرير تافه وتغييب للخيال الذي نحتاجه لتطوير المقررات، ولذا فقد عمدت في برامجي التلفزيونية إلى استخدام “التجارب الفكرية” حيث أقوم باستضافة أساتذة ليطرحوا فكرة أو محتوى لدرس معين، فأقوم أنا مباشرة بابتكار لعبة أو أي تقنية أخرى تلامس فكر الرقميين الأصليين. أحد هذه الدروس كان عن “الفلسفة الكلاسيكية” فابتكرت لعبة عبارة عن مناظرة بين فلاسفة مشهورين بحيث يقوم الطالب باختيار الجمل التي سيقولها هذا الفيلسوف أو ذاك. درسٌ آخر كان عن “محرقة اليهود (الهولوكوست)” فكانت الفكرة عبارة عن تمثيلية تحاكي مؤتمر الحزب النازي في منطقة وانسي الذي نوقشت فيه آلية إبادة اليهود، أو تمثيلية أخرى تجسد معاناة اليهود في المعتقلات مثل فيلم Schindler’s List.

خلاصة الحديث أنه إذا ما أراد المهاجرون الرقميون فعلا أن يدرّسوا المهاجرين الأصليين فإن عليهم أن يتغيروا ويتوقفوا عن التذمّر، وكما يقول شعار شركة Nike الذي أصبح الرقميون الأصليون يقدسونه “Just Do it”، وإذا ما بدأوا في التغيير فإن نجاحهم لن يكون صعب المنال خاصة إذا ما توفرت لهم المساعدات الإدارية والمالية لذلك.

بواسطة Badr Al Jahwari

أن تكون فانيا: الطب وما الذي يهم في نهاية الأمر

باختصار، أفضل كتاب هذا العام! مؤلم جدا ولكن واقعي وعميق.

لو كان بيدي القرار لجعلته إلزاميا لأي دارس للطب، بل وأحد أهم الكتب التي يجب أن يقرأها أي شخص يجد نفسه في مواجهة أسئلة الحياة والموت له أو لأحبابه.

أتول جاواندي، طبيب جراح وابن لطبيبين، يطرح أهم سؤال للحياة والموت: عندما تكون في مواجهة مرض عضال لا شفاء منه، هل تكافح حتى آخر رمق؟ أم تتوقف عن الصراع وتلتفت لما هو فعلا مهم. ثم ما وظيفة الطب؟ هل هي لإطالة العمر أم لتحسين جودة الحياة؟ هي سرق الطب منا قدرتنا على الموت؟

مررت شخصيا بهذه الأسئلة وأنا أرى أخي يستسلم للسرطان حتى توفي على سرير مستشفى في بانكوك على بعد 5000 كم عن أحبابه الذي لم يرهم لأكثر من عام. هل كان الأمر يستحق ما حدث؟

الكتاب لا يكتفي بطرح الأسئلة بل يقدم حلولا أكثر إرضاء لمن يصلون لمفترق الطرق، مثل الرعاية التلطيفية التي تركز على تخفيف الألم أكثر من محاولة العلاج، أو الرعاية المنزلية، أو نظام “هوسبيس” الذي يهدف لتحسين جودة الحياة لمن يعيشون آخر أيامهم. والأمر المفاجئ أن هذه النماذج لم تحسن من جودة الحياة فحسب بل في لعض الأحيان أطالتها أفضل من التدخلات العلاجية.

إحدى أهم المهارات التي يجب أن يتمتع بها الطبيب (والجميع بطبيعة الحال) هي كيفية التعامل مع النقاشات الصعبة لإبلاغ شخص ما بأنه مصاب بمرض عضال. هل تعرض عليى المريض “الحبة الزرقاء” تقول له إنها أمله الوحيد؟ أم تسأله إذا كان يريد الحبة الحمراء أو الزرقاء وتركه يختار؟ أم تخبره عن كل واحدة، ثم تسأله ما الأشياء المهمة فيي حياته؟

قبل أن تقرأ الكتاب تابع حوار المؤلف في الفيديو أدناه.

بواسطة Badr Al Jahwari

كلب الأحذية… سيرة ذاتية لشركة، ولكن بطراز مختلف

Shoe-Dog-Nike-book

لو قمت بترتيب أفضل الكتاب التي قرأتها في آخر 3 سنوات لكان هذا الكتاب بكل سهولة ضمن أفضل خمسة. ورغم أني لست من عشاق السير الذاتية، لا سيما تلك الخاصة بالشركات، إلا أن الانطباعات حول هذا الكتاب جعلت تجاهله أمراً صعباً.

كتاب Shoe Dog – أو “كلب الأحذية” – هو ليس مجرد مذكرات (فيل نايت) مؤسس شركة نايكي، بل هو ملحمة من الصراع والأخوة والمغامرات الطائشة لتحقيق رؤية تبدو مستحيلة. هو توثيق ليس فقط لمشهد الأحذية الرياضية وإنما لاقتصاد الملابس الرياضية برمته في ستينات وسبعينات القرن الماضي.

هذا الكتاب هو فعلياً سيرة ذاتية لشركة ناشئة تحولت لعملاق اقتصادي عالمي، وبالتالي قد تتوقع الكثير من مصطلحات الشركات، بيد أنه ليس كذلك، فهو عملٌ أدبي بكل امتياز، سيرة ذاتية يمكن تصنيفها ضمن روائع السير الأدبية. لا أدري حقاً مدى تدخل “الكاتب الشبح” في الأمر، ولكن (فيل نايت) أثبت أنه قاص من طراز عالٍ.

يتطرق الكتاب لسيرة حياة مؤسس شركة نايكي، بداءاً من رحلته حول العالم، وتأسيسه لشركة Blue Ribbon حيث يقوم باستيراد أحذية يابانية وبيعها في السوق الأمريكي، ثم يعرج للمنعطفات التي تمر بها الشركة، بحربه الطويلة مع الشركات اليابانية، والمنافسة المحلية، وأزمة السيولة التي لازمته 20 عاماً. ولكنه يركز على وجه الخصوص على العلاقات الحميمية مع رفاق المسيرة، مع مدربه (بيل باورمان) الذي أصبح أول شريك له، وذراعه الأيمن (جيف جونسون) وزوجته (بيني) ومسشتاره الصدوق (بوب ووديل).

(فيل نايت) كان مجرد نكرة، شخص استورد بعض الأحذية اليابانية وقام ببيعها واحداً تلو الآخر حتى أصبح رائد الأحذية الرياضية في العالم.

لهذا يجب عليك قراءة هذا الكتاب.

بواسطة Badr Al Jahwari

نظرية اللعبة وحدودها الزمانية

ماذا لو نظرت للعالم وكل ما يحدث حولك على أنه مجرد لعبة، بها قوانينها وحدودها الزمانية والمكانية وآليات الفوز واحتساب النقاط؟

هذا كان سؤال عالم الرياضيات جون ناش في خمسينات القرن الماضي والذي وضع أساسيات #نظرية_اللعبة #GameTheory وأعطى تعريفا للعبة بأنها “أي تواصل بين عدة أطراف يكون فيه مردود أي طرف معتمدا على قرارات الأطراف الأخرى”.

بالمناسبة، جون ناش هو الشخصية المحورية في فيلم A Beautiful Mind عام 2001، والذي تطرق قليلا لنظرية اللعبة.

وفقاً للنظرية فإن هذا التعريف يمكن إسقاطه على الكثير من السياقات سواء في العلاقات الاجتماعية أو الاقتصاد أو السياسة أو الحرب، ولكن هناك نوعين من هذه الألعاب، نوعٌ تنافسي هدفه الفوز، وقد يكون الخصم ندا موازيا (كما في الحرب مثلا) أو عوامل خارجية (تحقيق أهداف مؤشرات الأداء مثلا). والنوعٌ الآخر تعاوني هدفه العدالة بحيث يحصل كل لاعب في اللعبة على حقه وفق مساهمته. وأبسط مثال على هذا قد يكون توزيع مكافآت نهاية العام، أو في مثال أبسط توزيع فاتورة العشاء على مجموعة أصدقاء قرروا الأكل سويا ولكن طلبوا وجبات مختلفة.

Split the Bill

في كتابه #TheInfiniteGame يقسم سيمون سينيك الألعاب إلى نوعين آخرين أحدها بحدود زمانية Finite والآخر بلا حدود Infinite، ويرى أن المؤسسات التي تحقق النجاح المستدام هي تلك التي تفكر بعقلية اللعبة اللانهائية، فلا تضع حدوداً زمنية لأهدافها وتعمل على التأقلم مع جميع المتغيرات لهدف واحد، هو البقاء في اللعبة وعدم الخروج منها.

InfiniteGame_3D.png

يقول سينيك، في اللعبة اللانهائية يتغير اللاعبون ولا تتغير اللعبة. أحد أبرز الإخفاقات في عدم استعياب هذا المفهوم كان متجسدا في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، فمع سقوط الاتحاد السوفييتي ظن الأمريكان أنهم فازوا (بعقلية الFinite) وأرخو دفاعاتهم، فظهرت الصين (اقتصاديا) وظهرت إيران (سياسيا) وظهرت كوريا الشمالية (عسكريا)، وما زالت اللعبة مستمرة.

من أبرز إسقاطات مفهوم اللعبة اللانهائية الشركات وأهدافها السنوية، إذ يبذل الرئيس التنفيذي كل جهد للوصول للرقم المنشود ذلك العام دون الاكتراث لما قد يسببه ذلك للسنوات القادمة.

أسريا، تجد ولي الأمر يجادل المعلم لرفع درجة ابنه ليتميز ذلك العام دون النظر لتأثير ذلك على تحصيل وعقلية الابن على المدى الطويل.

وآخر مثال – على مستوى السلطنة – قد يتمثل في دعم المنتج العماني لرفع مستواه وزيادة انتشاره ولو على حساب بعض الأهداف قصيرة المدى ولكن لتحقيق اكتفاء ذاتي للاقتصاد الوطني على المدى البعيد. الصين قبل بضعة سنوات لم تكون سوى مقلد للمنتجات الغربية، وكان مصطلح Made In China كناية عن ضعف الجودة، ولكن لأن الشعب تكاتف مع تلك النظرة ورضي مؤقتاً بتلك الجودة المتدنية وسعى لتحسينها، أصبحت كبرى الشركات تتنافس لوضع مصانعها بالصين.

كتاب The Infinite Game كتاب مهم جدا للجميع، مهم لرائد الأعمال الذي يريد بناء مشروع الخاص واضعا الاستدامة والنمو نصب عينيه، ومهم لصانع القرار الذي يجب أن يتحلى بالشجاعة للتنازل عن تحقيق بعض الأهداف القصيرة في سبيل الوصول للرؤية الأبعد والأشمل.

 

DSjNgxmU8AAZ7aP.jpg

بواسطة Badr Al Jahwari

العادات الذرية: تغييرات بسيطة لتحقيق نتائج ضخمة

atomic-habits

تحدثت في منشور سابق عن كتاب The Power of Habit وعن أهميته لشرح الأسس العلمية لتكون العادات وكيفية إدارتها، ويعد مرجعاً أساسيا لفهم ديناميكيات العادات ولكثير من الكتب التي أتت بعده، ومن بينها كتاب Atomic Habits لجيمس كلير.

يقدم جيمس كلير في هذا الكتاب إرشادات عملية وواضحة لكيفية تكوين عادات فعالة تحقق نتائج إبجابية على جميع المستويات. ويستخدم “حلقة العادات” (الإشارة – الروتين – المكافأة) كمحطة انطلاق لشرح خطوات تكون كل عادة والعمليات اللازمة لاستبدال العادات السلبية بأخرى إيجابية (أو أكثر فاعلية كما يصفها).

كلمة Atomic هنا تحمل رمزية التناهي في الصغر والقوة في نفس الوقت، والمقصود به التغييرات الطفيفة جدا التي يمكن أن تحدث فرقاً كبيرا على المدى البعيد، ويضع جيمس كلير في كتابه 4 قواعد أساسية لتغيير العادات وهي:

1- اجعلها واضحة: كل ما كان الحافز للعادة واضحا كل ما كان اكتساب تلك العادة أكثر سهولة، مثل وجود علبة ماء دائما على الطاولة لتذكيرك بأهمية شرب الماء بشكل مستمر، ويمكن عكس القاعدة لإزالة العادات السلبية عن طريق جعل الإشارة أكثر صعوبة، فهناك من يبدأ يومه بتصفح الهاتف مثلا. ومجرد وضع الهاتف بعيدا عن متناول اليد قبل النوم يساعد على التخلص من تلك العادة.

2- اجعلها جذابة: كل ما كانت تلك العادة جذابة كل ما كان اكتسابها أكثر سهولة، فمثلا تقبل تلك العادة مجتمعيا يجعلها أكثر جاذبية كوجود زملاء يمارسونها، وبالتالي الانضمام لهم يحقق لا يكسب تلك العادة فحسب وإنما أيضا يسهام في تكوين علاقات اجتماعية.

3- اجعلها سهلة: الإنسان بطبيعته ينجذب نحو الممارسات التي تتطلب جهداً أقل، ولذلك ليس غريبا سرعة تكون العادات السيئة لأنها سهلة (تناول الأطعمة السريعة مثلا). فمثلا اختيار صالة رياضية على طريق العمل يساعد على اكتساب عادة الرياضةـ لأنه يمكنك ببساطة التوقف للرياضة في الطريق من أو إلى العمل. وكل ما جعلت العادة “السلبية” أصعب صار تركها أسهل.

4- اجعلها مُرضية ومُشبعة: تقتضي الطبيعة البشرية تكرار الممارسات ذات النتائج الإيجابية السريعة، خاصة في عصر السرعة الذي نعيش به. وكل ممارسة تكافئ صاحبها بسرعة يصبح تكرارها أمراً طبيعيا. فخسارة الوزن عن طريق الرياضة على سبيل المثال يأخذ وقتاً ولذا يتقاعس البعض عن القيام بها، ولكن وجود أداة لقياس الخطوات على سبيل المثال يعطي حافزا لرؤية نتائج إيجابية سريعة تجعل من الأمر أكثر متعة وتسهل تكراره ومحاولة تحقيق رقم أعلى كل مرة.

لو كان كتاب Power of Habit بمثابة البحث العلمي، فكتاب Atomic Habits بمثابة دليل إرشادات لاكتساب العادات الإيجابية. كتاب ممتاز جدا. ويمكن الوصول للكثير من المعلومات عن الكتاب على هذا الرابط https://jamesclear.com/atomic-habits

بواسطة Badr Al Jahwari

Talk Like TED

لطالما أعجبت بمحاضرات TED، إذ أن لها بريقا خاصا، وهو بلا شك نتاج للوصايا العشر التي تعرف بTED Commandments. لهذا قررت أن أقرأ هذا الكتاب.

في كتابه Talk Like TED يستعرض كارمين جالو الأسرار التسعة لمهارة التحدث أمام الجمهور، ليجعل الكتاب بمثابة الدليل الإرشادي لتطوير هذه المهارة. ولتوضيح كل سر على حدة، يستعين المؤلف بالمحاضرات المشهورة لTED التي تجسد الثقافة التي تعتمدها هذه المؤسسة في مؤتمراتها.

على الصعيد الشخصي، أجد الكتاب مفيدا جدا، ولكن قد يصيبك بالملل بسبب كثرة الأمثلة لتوضيح نقاط في غاية الوضوح. بل بإمكانك الاطلاع على ملخص قصير للكتاب وستصلك الفكرة كامل.

مع ذلك يعتبر كتابا مهما جدا لكل من يرغب في تطوير مهارات الإلقاء.
#ted #tedtalks

بواسطة Badr Al Jahwari

الفيل الأزرق يضرب من جديد

الفيل الأزرق - إعلان

تنويه

يجب علي أن أعترف أولا عن قلة خبرتي – نسبيا – في السينما العربية، ولذا أعتذر مقدما عن أي أخطاء أو إساءة تقدير لأي تفاصيل في الاستعراض أدناه.

تقديم للجزء الأول

The_Blue_Elephant_Poster

عندما صدر الجزء الأول من فيلم “الفيل الأزرق” في 2014 غير الكثير من المفاهيم، فقد يكون أول فيلم منذ فترة طويلة ينجح في تحويل رواية ناجحة best-seller  إلى عمل سينمائي متكامل الأركان وهي رواية “الفيل الأزرق” لأحمد المراد، والذي حول روايته لسيناريو الفيلم، كما أن المؤثرات البصرية التي قدمها الجزء الأول كانت غير مسبوقة إطلاقا في السينما المصرية، والتي جعلته فيلم “إثارة نفسية” psychological thriller من طراز عالٍ جدا. وأكد على إبداع المخرج مروان حامد بعد تحفته الفنية “عمارة يعقوبيان”. وأخيراً الفيلم كان من بطولة الرائع كريم عبدالعزيز والذي يصفه البعض بأنه أبرز ممثل مصري في العقد الثاني من هذا القرن.

الجزء الثاني

يأتي الجزء الثاني بعد 5 سنوات، وبأحداث تدور هي أيضا بعد 5 سنوات من نهاية الجزء الأول. هذه المرة لا توجد رواية، بل سيناريو فيلم كتبه أحمد مراد أيضا وأخرجه أيضا مروان حامد ومن بطولة كريم عبدالعزيز أيضا في استمرار للتعاون لربما لصنع فرانشايز مصري غير مسبوق في الساحة.

لقطة1

أحداث الفيلم – بدون حرق – تدور بعد خمس سنوات من الجزء الأول حيث اعتزل د. يحيى راشد (كريم عبدالعزيز) الطب النفسي وتزوج حبيبته لبنى (نيللي عبدالكريم) ويعيش مع ابنتها وابنهما، ولكنه يتلقى اتصال من المستشفى النفسي الذي دارت فيه أحداث الجزء الأول، حيث يلتقي بالمريضة فريدة عبيد (هند صبري) التي تعيد له كابوس الجزء الأول ولكن بشكل أكثر خطورة.

التحليل

نبدأ مع القصة، حيث أن محاولة وضع جزء ثاني لقصة ناجحة جدا ومكتملة الأركان يعتبر مخاطرة، حيث تختفي الكثير من عناصر الدهشة التي تم استهلاكها في الجزء الأول مما يشكل تحديا للكاتب والمخرج. ومع ذلك فالقصة مبهرة جدا رغم افتقارها لعنصر الغموض الذي كان سيد الموقف في الجزء الأول، ولكن ينجح أحمد مراد في ربط الأحداث بشكل رائع جدا مما لا يترك مجالا ولو لثانية واحدة من الملل.

بالنسبة للمؤثرات البصرية، فإن كانت مؤثرات الجزء الأول غير مسبوقة في السينما المصرية فالجزء الثاني رفع السقف كثيرا جدا جدا لدرجة المنافسة الهوليوودية بكل معنى الكلمة. تقنيات التصوير وحركة الكاميرا والجرافيكس في غاية الإتقان. أما الموسيقى التصويرية فهي من عالم آخر، تجعلك متسمرا على طرف الكرسي مشكلة حالات من القلق الغريب creepy moments التي تزيد من إبداع الفيلم.

الأداء التمثيلي لكريم عبدالعزيز أقل ما يقال عنه أنه أسطوري، ينقل للمشاهد جميع الحالات النفسية التي يمر بها الطبيب النفسي يحيى، سواء كانت لحظات ضعف أو أمل، أو ذكاء وحنكة، أو هستيريا جنونية. في المقابل تقدم هند صبري أحد أفضل أدوارها في شخصية المجرمة المجنونة المتلبسة، فتضطر للانتقال بشكل متسارع بين شخصية المريضة وشخصية الوحش الذي يسكنها.

الانطباع

فيلم إثارة نفسية من طراز عالٍ يستعرض التطور الهائل للسينما المصرية في السنوات الأخيرة على جميع المستويات من سيناريو وأداء تمثيلي وإنتاج فني، وبالتالي فمشاهدته ضرورية، ولكن يفضل مشاهدة الجزء الأول قبل هذا لتسهيل ربط الأفكار ببعضها.

ما يفتقر له الفيلم مقارنة بالجزء الأول هو عنصر الغموض، فتوقع خطوات هذا الفيلم أسهل بمراحل مقارنة بالجزء السابق الذي يخادع المشاهد مما يزيد من توتره وتسمره أمام الشاشة.

بواسطة Badr Al Jahwari

متخصصون أم شموليون؟

image_e51ab364-601f-4ce1-933b-9c8d7487ed3420190730_124619

في الوقت الذي يسارع العالم فيه للتخصص الدقيق في شتى المجالات، يعتقد الجميع أن أفضل طريقة لمواكبة هذا التسارع هو التخصص مبكرا وبأسرع وقت. لكن لديفيد إبستين رأي آخر.

في كتابه “النطاق: لماذا ينجح الشموليين في عالمٍ متخصص” يرى إبستين أن التركيز على جوانب معرفية دقيقة يصنع أفرداً متخصصين في تلك الجوانب، ولكنهم سرعان ما يفشلون خارج سياقاتها. ويرجع هذا لأنهم تعودوا على البيئة “الطيبة” ذات الحدود المعروفة، ولكن بمجرد أن تصبح هذه البيئة “شريرة” بلا قوانين واضحة، يجدون أنفسهم بلا مهارات قابة للنقل تساعدهم لمواجهة هذا “الشر” المحدق بهم.

فالأفراد متعددي الشغف، متعددي التوجهات المهنية، الذين يعشقون التجربة ولعب دور الهواة، يكونون “نطاق” من المهارات والمعارف تسمح لهم للوصول لآفاق لا يمكن لأي متخصص الوصول لها.

شخصيا، أجد الكتاب يقدم فكرة منطقية وقوية، وبأسلوب سردي متقن جدا، إلا أنه في كثير من أجزائه يبالغ في التنظير، ويحاول تطبيق نظريات على وقائع يمكن تفسيره بعدة طرقة مختلفة بل ومتناقضة. كما أن بها الكثير من التفاصيل التي تكون أحيانا طويلة جدا وأحيانا لا علاقة لها بصلب الموضوع، فصفحاته ال350 كان يمكن اختزالها في 200 أو أقل.

مع ذلك، كتاب ممتاز، خاصة لشخص مثلي هو بعد كل البعد عن موضوع التخصص – بالعربي – بتاع كله 😊

بواسطة Badr Al Jahwari

كيف يتم تقييم الوظائف؟

تحدثت في مقالٍ سابق عن موضوع “نطاق الإشراف” وهو عدد المرؤوسين المباشرين لأي منصب إشرافي، وكيف يتم تحديد هذا العدد داخل هذا النطاق وفقاً للمستوى القيادي للوظيفة وفلسفة التسلسل القيادي داخل المؤسسة. ولكن هنا نتسائل: ما الذي يحدد “قيمة” هذه الوظيفة القيادية أصلا؟ أو على نطاق أوسع، كيف نفرق بين وظيفة وأخرى فيما يتعلق بالراتب مثلا؟

يقول أحدهم: أنا أعمل تحت أشعة الشمس منذ طلوعها للمغيب، وذلك يستمتع بمنصبه في مكتبه الفخم، ويتقاضى أضعاف أضعاف راتبي. هذا ظلم!! ……. هل هو ظلمٌ حقاً؟ هذا المقال يناقش مفهوم “قيمة الوظيفة” وكيفية احتسابها وأثرها على الهياكل التنظيمية للمؤسسات.

Fair Pay rubber stamp

قيمة الوظيفة

لكل وظيفة قيمة تضاف لتلك المؤسسة، ولولا وجود تلك القيمة لما وجدت الوظيفة أصلا. وعليه يسمع الباحث عن العمل هذا الرد من المؤسسات “لا يوجد شاغر”، والشاغر هو وظيفة تم وضعها لإضافة قيمة للمؤسسة ولكن لم يتم بعد تعيين أحد فيها، أما إن لم تكن هذا الوظيفة موجودة فلا يوجد سبب منطقي لتعيين شخص حيث أنه لن يقدم أي قيمة. وعليه فإن هذا المقال سيتطرق للوظيفة بشكلٍ مطلق، بغض النظر عمن يقوم بها.

لأن “القيمة” يمكن قياسها، فكذلك الوظيفة يمكن قياسها. ولذلك تسمع بعبارة “هذه الوظيفة في الدرجة التاسعة بينما هذه في الدرجة الثامنة” مثلا. وهذه الدرجات في سلم الرواتب تحدد المبلغ الذي يتقاضاه الموظف الذي يقوم بهذه الوظيفة.

السؤال الذي يطرح الآن: كيف يتم “قياس” قيمة الوظيفة؟

هناك عدة طرق لتقييم الوظائف، منها للمثال لا الحصر:

  1. الترتيب والمقارنة: وهو النظر لجميع الوظائف في الهيكل التنظيمي للمؤسسة وترتيبها بمقارنة كل وظيفة بأخرى بالنظر للتخصص ونطاق الإشراف وغيرها من العوامل. هذه الطريقة مباشرة جدا وتصلح للمؤسسات الصغيرة نسبياً.
  2. التصنيف: وفي هذه الطريقة يتم تصنيف الوظائف وفقاً لمعايير معينة مثل المهارات أو المسؤوليات ووضعها في مجموعات منفصلة. ثم يتم النظر لكل وظيفة ومقارنتها ببقية الوظائف داخل كل مجموعة. هذه الطريقة أيضاً مباشرة ولكنها جدلية بسبب صعوبة تحديد الفوارق بين المجموعات.
  3. العوامل والنقاط: هذه الآلية أكثر علمية حيث يتم إعطاء نقاط معينة للعوامل المختلفة المتعلقة بالوظيفة كالمهارات والمؤهلات المطلوبة، وكمية المسؤولية على عاتق حامل الوظيفة. ثم يتم جمع هذه النقاط للوصول لإجمالي نقاط يكون هو “قيمة” هذه الوظيفة. ومن ثم تعكس هذه النقاط على سلم الرواتب في المؤسسة ليتم تحديد الدرجة والراتب.

إحدى أبرز الطرق في تقييم الوظائف ما يسمى بالHay Methodology وهي آلية احتساب نقاط وضعتها مؤسسة Hay Group العالمية، وتعتمدها الكثير من المؤسسات حول العالم لا سيما الشركات داخل السلطنة.

HayGroup_Logo_BlueTab_RGB

طريقة Hay في تقييم الوظائف

تستخدم Hay Methodology آلية احتساب النقاط وفق 8 عوامل موزعة على ثلاثة مجموعات، وهي:

أولا: المعرفة Know-How: المهارات العلمية والفنية والتخطيطية ومهارات التواصل التي تتطلبها الوظيفة، وتنقسم لثلاثة عوامل:

  1. المعرفة العملية والفنية: كمية المحتوى المعرفي والمهارات العملية التي تتطلبها الوظيفة
  2. التخطيط والتنظيم والإشراف: المهارات الإدارية والإشرافية التي قد تتطلبها الوظيفة
  3. مهارات التواصل والتأثير: مهارات التواصل التي تتطلبها الوظيفة للتأثير على مختلف الأفراد داخل وخارج المؤسسة

ثانياً: حل المعضلات: القدرة على استخدام المهارات والمعرفة للتعرف على المعضلات وحلها، ولها بعدين:

  1. حرية التفكير: مساحة التفكير التي تتطلبها الوظيفة، فهل هناك إرشادات واضحة يسهل اتباعها، أم أن على صاحب الوظيفة تحليل العديد من المعطيات للقيام بعمله.
  2. تحديات التفكير: نوعية المعضلات وكمية التفكير التي تتطلبها.

ثالثا: المساءلة: وتختلف عن “المسؤولية” في كونها تركز على صنع القرار ومدى المساءلة التي يتعرض لها صاحب الوظيفة نتيجة لهذه القرارات، وتنقسم لثلاثة عوامل:

  1. حرية اتخاذ القرار: مدى الدعم الذي يتلقاه صاحب الوظيفة للقيام بعمله، فهل هناك سلسلة إرشادات معينة يجب عدم الحياد عنها، أم أن لحامل الوظيفة الحرية المطلقة في اتخاذ القرارات؟
  2. طبيعة التأثير: ما نوع الأثر الذي يتركه قرار صاحب الوظيفة على العمل؟ فهل لقراراته تأثير أساسي Primary على النتائج، كالموازنة مثلا؟ أم أن قراراته تشترك مع قرارات وظائف أخرى Shared داخل المؤسسة، وبالتالي لا يتحمل المسؤولية كاملها؟ أم أن قراره يساهم في الحدث Contributory ولكنه ليس المسؤوال المباشر في ما يحدث؟ أم أن أثره جانبي Remote وليس مباشر على الحدث؟
  3. قوة التأثير: ما الأثر المالي الذي ينتج من قرارات صاحب هذه الوظيفة؟ يتم النظر عادة للموازنة التي يشرف عليها صاحب الوظيفة، ويحدد هذا في الوصف الوظيفي، وكل ما كان المبلغ أكبر كانت المساءلة أكبر.

آلية التقييم

في كل مؤسسة عادةً لجنة تسمى لجنة تقييم الوظائف Job Evaluation Committee، أعضاؤها تم تدريبهم وترخيصهم من قبل Hay Group لاستخدام آلية التقييم أعلاه. والشركات التي لا تملك لجنة تقييم تسند هذه المهمة لمستشاريين خارجيين.

تجتمع اللجنة وتقوم بدراسة الوصف الوظيفي Job Description للوظائف محل التقييم، وباستخدام جدول نقاط معتمد من Hay يتم مناقشة كل عامل من العوامل الثمانية أعلاه وإعطاء نقاط معينة لكل عامل على حدة. هذه العملية معقدة ويتخللها الكثير من النقاش والجدال خاصة في معايير المساءلة، ولذلك وجود اللجنة أمرٌ ضروري.

بعد الاتفاق والوصول لإجمالي النقاط Hay Score يتم وضع هذا الرقم في سلم الرواتب للمؤسسة لمعرفة الدرجة المالية التي تستحقها هذه الوظيفة.  فلو افترضنا أن المؤسسة بها  16درجm مالية مرتبة بحيث أن الدرجة الأصغر أعلى في السلم من الدرجة الأكبر (الدرجة الخامسة أعلى راتباً من السادسة)، ووضعنا مقياساً لنقاط Hay Score، وكانت نتيجة جلسة التقييم قد أسفرت عن مجموع نقاط 323، فإن هذه الوظيفة تقع في الدرجة السادسة كما هو موضح أدناه.

hay score

من هنا يتضح أن موضوع تحديد الدرجة المالية ليس أمراً عشوائياً وإنما يتم بطريقة علمية محكمة تعطي كل وظيفة حقها.

هنا سيسأل أحدهم: ولكن كيف يتم المفاضلة بين الموظفين في نفس الدرجة المالية؟ وكيف يتم احتساب الراتب من شركة لشركة إذا كانت الشركات تستخدم نفس نظام التقييم ولكن رواتبها مختلفة؟ الإجابة على هذه الأسئلة تحتاج مقالاً آخر.. فلنا لقاء 😊

بواسطة Badr Al Jahwari