إن هي أسماء سميتموها

لاتزال التيارات الإسلامية متربعة على عرش الربيع العربي – أو الشتاء الإسلامي كما وصفه نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي – ولا تزال حرب الإيدولوجيات في أوجها بين سلفي وعلماني وليبرالي… إلخ، فهذا يصف ذاك بالتطرف وذاك يصف هذا بالتحرر والانحلال الخلقي وغيرها من الصفات التي توقع المواطن العادي في أزمة مصطلحات ورؤى لا يفقه منها شيئا سوى أنه يبحث عن حياة كريمة.

الإشكالية تكمن في هذه المسميات والوصول إلى استنتاجات بناء على مسميات لا أكثر ولا أقل، فهل حزب العدالة والتنمية في تركيا يعني أن الأحزاب الأخرى لم تكن تسعى للعدالة أو التنمية؟ وهل سيكون حزب العدالة والتنمية في تونس مطابقا لنظيره التركي؟ من جهة أخرى نرى حنينا للإسلام السياسي في مصر وتونس بعد نجاح التجربة التركية مما دعا أحد العلمانيين إلى التساؤل “لماذا ننظر إلى التجربة التركية ونتجاهل التجربتين الإيرانية والأفغانية (متمثلة في طاليبان) رغم أنها كلها حركات إسلامية؟”

السؤال فيه مغالطة كبيرة وهي تسمية هذه الحركات بأنها إسلامية، وسواء جاءت هذه التسمية من صاحب السؤال أو من مؤسس هذه الحركات فإنه يبقى اسما لا أكثر وقد لا تكون له أي علاقة بالفكر الإسلامي؟ فهل جدع أنف امرأة لأنها خرجت من بيتها يدل على فكر إسلامي رغم أن هذه عقوبة صريحة في طاليبان؟ هل هذا من الإسلام في شيء؟ هل بإمكاننا اعتبار هذه الحركة إسلامية فقط لأنها حملت هذا الاسم؟

إشكالية أخرى تكمن في النظر إلى الأحزاب الإسلامية على أنها أحزاب دينية جاءت لتحقيق أهداف دينية بحتة، رغم أنها أحزاب سياسية في المقام الأول هدفها إجراء إصلاحات سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية، ولا  تختلف عن بقية الأحزاب سوى في أن مرجعيتها دينية وأنها تحكّم الشرع في صياغة القوانين. يتضح سوء الفهم هذا عندما سئل أحد المرشحين السلفيين في مصر: ماذا ستفعل تجاه شرب الخمور؟ فأجاب: لست مهتما بشرب الخمور بقدر اهتمامي بشرب مياه المجاري، في إشارة واضحة إلى أن قضية تلوث مياه الشرب في مصر أهم من انتشار الخمور.

سواء كنت ليبرالي أو علماني أو سلفي أو لاأدري فكلكم تتفقون على الغاية وتختلفون على الوسيلة، وما الوسيلة إلا نتاج نظريات أسستها أسماء لا أكثر. فلنضع هذه التصنيفات جانبا ولننظر إلى النصف المملتئ من الكأس بحثا عن أرضية مشتركة نؤسس عليها الإصلاحات التي نرتجي.

بواسطة Badr Al Jahwari