عرب الأهواز

في أحد المطارات الأعجمية، رأيت رجلا في منتصف العمر تبدو عليه علامات العروبة، ولكنها مشوبة بحزن حاول جاهدا إخفاءه وهو يقلب الصور في الكاميرا الرقمية التي بين يديه. اقتربت منه وحييته بتحية الإسلام فقفز من مكانه بدهشة تغمرها سعادة، لم يصدق عينيه أنه رأى في هذه البلاد من يتقن لغته. دعوته لطاولتي وسألته لأي قطر عربي ينتمي فطأطأ برأسه وقال: أنا عربي ولست عربي.. أنا من خوزستان.. أنا من عربستان.. أنا من الأهواز. العروبة في دمي ولكن أخوتي العرب لا يعترفون بي. أحمل درجة الماجستير في النفايات الكيميائية، ألمانيا عرضت علي الجنسية فقبلتها وأنا منذ ثمان سنوات ألماني، ولكن دمي لا زال عربيا.

قبل لقائي بطارق بشهر تابعت برنامجا تلفزيونيا عن عرب الأهواز، وهم عرب يعيشون في حدود إيران السياسية منذ أن سيطرت عليها إيران عام 1925، ولكنهم لا يزالون يحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم العربية، في الوقت الذي تمارس  إيران فيه كل أنواع التمييز الاجتماعي والسياسي والثقافي. وعلى الرغم من أن منطقة الأهواز تصدر ما يقارب 70% من نفط إيران إلا أن نصيب عرب الأهواز من هذا النفط هو صفر على الشمال، فلا يجدون فرصا للتوظيف، وإن وجدوا كان التمييز الوظيفي جليا، ويمنعوا من استخدام اللغة العربية في مناسباتهم، وتجرى امتحانات القبول الجامعية باللغة الفارسية مما يصعب عليهم الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي.

رمى طارق بكل أنواع الشتائم والسباب على الحكومة الإيرانية وسياساتها الخارجية والداخلية، فقاطعته بقولي “بخصوص قضية أمريكا والملف الإيراني، شخصيا أرى أنها مسرحية وأن أمريكا وإيران حلفاء في الحقيقة”. لم أكد أنهي جملتي إلا ووجدته ينهال علي بالأحضان والقبل ويقول: أخيرا وجدت عربيا يفهمني، فإيران هي محور الشر في هذه المنطقة ولن يهدأ لها بال حتى تلتهم الخليج ومن عليه.

سواء كان طارق محقا أو مخطئا في كل أو بعض ما قال، إلا أن الحقيقة لا يمكن إنكارها، فالأهواز إقليم عربي إسلامي منذ القرن الثالث الهجري وقامت به عدد من الدول منها الدولة المشعشعية التي قامت بها الإمارة الكعبية والتي اشتهرت بها قبيلة “الكعبي” التي تستوطن المناطق الشمالية من عمان والإمارات، ثم قامت الدولة الصفوية وبعدها القاجارية وأخيرا البهلوية حيث تغير الاسم من عربستان إلى خوزستان. هذه المنطقة عربية الأصل والفصل ولكننا تجاهلناها، تماما كما تجاهلنا جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، ورغم أنني لا أكترث لتسمية الخليج بالعربي أو الفارسي إلا أن وجود عرب مضطهدين داخل الحدود الإيرانية يستدعي رد فعل عربي سياسي على أقل تقدير.

 

 

بواسطة Badr Al Jahwari