ينج يانج…

ضِدّانِ لمّا استجمعا حَسُنا

          والضِّدُّ يظهرُ حُسنه الضِّدُّ

العالم مليء بالمتضادات، هناك الشهيق والزفير، الليل والنهار، البر والبحر، الذكر والأنثى، بيد أن المعنى الجوهري لا يظهر إلا باجتماع الضدين، فعملية التنفس لا تحدث إلا بالشهيق والزفير معا، والأيام لا تمضي إلا بتعاقب الليل والنهار. كذلك هو جوهر الإنسان.. لا يظهر إلا باجتماع الذكر والأنثى، ولا نسل إلا بأبٍ وأم. هذه هي فلسفة “ينج يانج” الصينية التي تقول أن كل نقيض لا وجود له بدون نقيض له، فاجتماعهما يظهر جوهرهما ويكمل الدائرة التي ترمز للكمال.

لو نظرنا إلى قضية المساواة بين الرجل والمرأة من منظور الينج واليانج لاكتشفنا خطأ فادحا وهو تفسير المساواة على أنها “تساوي sameness” بينما المقصود هو “التوازي equality”، بمعنى أنه ينبغي الإيمان المطلق باختلاف الجنسين ولكن على أن يحصل كل منهما على حقه ليكمل بذلك الدائرة.

يطالب الكثير بمساواة الرجل والمرأة، ولتحقيق هذا الهدف يحاولون إعطاء المرأة حقوقا وواجبات خصّصت للرجل فينتهي بهم المطاف للتساوي مما يؤدي لاحقا إلى خلل في التركيبة الاجتماعية. كتبت عائشة السيفي في مدونتها أن طالبة هندسة كانت تحاول حمل كيس إسمنت فرآها طالبين. قال الأول للثاني: لم لا تساعدها؟ فأجاب: كلا.. أريدها ان تأخذ حقها كاملا!

هنا يقع المحظور في إساءة فهم المساواة (من كلا الطرفين) التي أصبح مثل لعبة شد الحبل فيها فائز وخاسر بينما يفترض أن يفوز كلا الطرفين. ومن إساءة فهم المساواة التطاول على التشريعات الدينية كالمطالبة بإعطاء المرأة حق تطليق زوجها رغم كل الضمانات التي كفلها الدين. أما الجانب الآخر الذكوري المتشدد فيحاول إقصاء المرأة مهنيا وماليا واجتماعيا كمنعها من التعليم أو السفر أو الإنفاق.

ما نراه جليا في عمان هو محاولة لإعطاء المرأة حقوقا لم تكن متاحة لها سابقا بدون النظر إلى التفاصيل الدقيقة لهذه الحقوق والخصوصية التي تمنحها للمرأة، فينتهي المطاف إلى تخبّطٍ في صنع القرارات وإقصاء للرجل باسم المساواة، وما إلغاء فقرة فريق القفز النسائي في حفل العيد الوطني إلا دليل واضح على هذا التخبط.

خلاصة القول، أن الحكومة تحاول جاهدا الظهور أمام المجتمع الدولي كحاضنٍ للمساواة ولكن عدم المنهجية والتمعن في خصوصية كل جنسٍ على حدة شوّه دائرة الينج واليانج وأدى إلى حنقٍ شعبي (من الجنسين) سيقود حتما إلى الكثير من المضاعفات على جميع الأصعدة.

بواسطة Badr Al Jahwari