أسئلة “مختلفة”

divergent_by_dog78223-d4m5ar1

تابعت قبل فترة فيلماً بعنوان “Divergent” (المختلف)، ورغم أن الفيلم لا يعد عملاً سينمائياً استثنائيُا إلا أنه يقدم فكرة غريبة عميقة. قصة الفيلم تتمحور حول مجتمع عانى من ويلات الحروب فقرر وضع نظام اجتماعي جديد يضمن استقراره، فتم تقسيم الناس إلى خمس فئات، فهناك الشجعان الذين يتم توظيفهم في قوات الدفاع، والأدباء ذو الذكاء العالي الذين يعملون في المختبرات، والطيبون الذين يحرثون الأرض ويجيدون بخيراتها، والصادقون الذين يرفعون راية القانون، وأخيرا ناكرو الذات الذين يضحون بأنفسهم في سبيل مساعدة الغير. وفي سن السادسة عشر يخضع كل شاب وشابة لاختبار قدرات يحدد الفصيلة التي ينتمي إليها، وإذا ما كانت النتيجة تختلف عن فصيلة والديه فإنه يهجرهم وينتقل للعيش مع الفصيلة الجديدة، حيث أن هذا النظام يعمل على الفصل التام بين الفصائل لضمان استقرار المجتمع.

المشكلة أنه في بعض الحالات النادرة يظهر أشخاص لهم ميول وقدرات مختلفة، فتجدهم شجعانًا وصادقون في نفس الوقت، أو قد تجتمع فيهم هذه الصفات كلها. إلى أي فئة ينتمون يا ترى؟ في الحقيقة هؤلاء الأشخاص يتم قتلهم لأن في وجودهم إخلال بالنظام الذي يقوم عليه المجتمع، إذ أن تداخل الصفات يولد الضغائن والأحقاد، وهذه هي أساس الحروب التي ما وضع هذا النظام إلا ليتحاشاها.

لنأخذ هذه الفكرة ونطبقها على مجتمعنا. علام نبحث؟ هل نبحث عن نابغين في تخصصات محددة؟ أم عن متعددي المهارات؟ وإن كنا فعلًا نفضل هذا أو ذاك، لماذا؟ وماذا فعلنا لأجلهم؟ برامجنا الدراسية تعطي الطالب كل أنواع المعرفة بدون تخصيص أمرٍ على آخر، ظناً أن الطالب في مراحله الأولى غير قادر على تمييز ما يريده فعلاً، فينهل من هذا وذاك إلى أن يصل للصف العاشر حيث يبدأ في تحديد ميوله إن كانت علمية أو أدبية، ثم ينتقل للجامعة فيغوص في التخصص أكثر وأكثر. يبدو أننا لا نختلف من ذاك المجتمع إذا. ماذا لو وصل هذا الشاب لمرحلة الاختيار ووجد أنه يريد العلمي والأدبي معًا؟ طبعًا هذا لا يمكن. سيقال له: اختر العلمي واقرأ ما تشاء من الأدب إن شئت. السؤال: ثم ماذا؟ هل يشكل هذا خطرًا على المجتمع؟ ألن يأتي أحدٌ ليقول: ما دخلك بهذا؟ أليست ثقافتنا مبنية على نبذ من يوصم بأنه “بتاع كله”؟ ثم.. ألا تخشى الحكومة من هؤلاء؟ معرفتهم بأكثر من شيء تعطيهم بعد نظر أكثر من غيرهم مما يجعلهم مصدر خطر. هل بالغت قليلاً؟

حسناً.. قد أكون بالغت قليلًا.. هذا المقال لا يطرح حلولاً أو استنتاجات. إنما هي أسئلة مشاغبة بريئة خبيثة. لكم أن تفهموها وتفسروها وتجيبوا عليها كما شئتم.. لكن تيقنوا أن هناك من هم “مختلفون” بيننا، فما نظرتكم لهم اليوم؟ هل هي “مختلفة”؟

بواسطة Badr Al Jahwari