تداولت الوسائل الإعلامية الأسبوع الماضي قراراً بمنع نقل كفالة العمالة الوافدة ما لم تكمل مدة العمل وهي سنتان. أي أن العامل إذا ما أراد إلغاء تأشيرته، أو إذا ما قرر الكفيل إلغاء التأشيرة وتسفير العامل فإنه لا يحق للعامل العودة للسلطنة مع كفيلٍ جديد إلا بعد مضي سنتين من مغادرته للبلاد.
بعد يومين صرحت وزارة القوى العاملة عن وجود استثناء وهو أن يقوم الكفيل بإعطاء العامل رسالة “عدم ممانعة” تسمح له بالعودة للسلطنة والعمل مع كفيل جديد.
اليوم – نقلاً عن جريدة Times of Oman، علمنا أنه في حالة إعطاء الكفيل للعامل رسالة عدم ممانعة فإنه لا يحق للكفيل استقدام عامل جديد بدلاً من العامل الذي تم إلغاء إقامته. أي أن العامل يبقى جزءا من نصاب العمالة الوافدة لدى لذلك الكفيل.
حسناً.. دعوني أولاً أوضح أنني أتفق تماماً مع هذا القرار ومع كل التعديلات التي لحقته. لنبدأ بالمشكلة الأساسية، وهي نقل الكفالة، وعلى حسب علمي، فإن القانون موجود بالفعل منذ فترة ولكن يبدو أن تطبيقه سيصبح إلزامياً الآن. يوجد في البلد سوق سوداء لتأشيرات الإقامة، سوق تتحكم بها لوبيات عمانية ووافدة، وأكثر المتضررين هم أصحاب الأعمال الذي يدفعون مبالغ باهظة لاستقطاب عمالة لمؤسساتهم ثم يخسرونها بسبب قرار العامل عدم الاستمرار، أو الهرب، أو الانتقال مع كفيل آخر.
مثال على ذلك أن تكون لديك شركة مقاولات مثلاً، ولديك عمال بناء – وفي هذه الفئة فإن العمال المجيدين عملة نادرة – ثم يأتي مقاولٌ آخر ويعجب بمن لديك، فيرسل لهم أحداً يعرض عليهم راتباً أعلى في حال انتقلوا لكفالته. يقرر العمال بعدها عدم مواصلة العمل، حتى يضيق الأمر على الكفيل فيقرر تسفيرهم، ثم يعودون بتأشيرة جديدة مع الكفيل الجديد، ولا من شاف ولا من درى.
مثال آخر عاملات المنازل. يدفع رب البيت حوالي 1000 ريال عُماني لجلب عاملة منزل (حسب الجنسية طبعاً)، فإن لم يعجبها المكان – سواء كان البيت كبيراً أو عدد الأطفال كبير ..إلخ – فإنها تقرر السفر، على أمل أن تعود مع فرصة أفضل. والمتضرر هو دائماً رب المنزل. ولكن مع القانون الجديد لا يحق لها العودة إلا بعد سنتين من المغادرة. وهذا يضع حداً لإشكاليات هرب عاملات المنازل وغيرها من العمالة الوافدة.
ولكن، ماذا لو لم يكن لدى الكفيل الأول أي مانع من انتقال عامله للعمل مع كفيل آخر؟ وهذا يحدث كثيراً.. بكل بساطة، كل ما عليه هو إعطاء رسالة عدم ممانعة. ولكن هذه الرسالة إن لم يكن هناك قانونٌ يؤطرها ستصبح سلعةً في ذاتها. مثلما تقوم لوبيات السوق السوداء ببيع التأشيرات، سيكون هناك سوق آخر لهذه الرسالة، إذ أنها أصبحت من الأهمية بمكان فلا يمكن للعامل العودة إلا بها.
ما الحل؟ الحل هنا هو أن يتحمل الكفيل الأول المسؤولية التامة عن إصدار هذه الرسالة، فحتى لو ألغيت تأشيرة ذلك العامل، فإنه يأخذ حيزاً من نصاب العمالة الوافدة لدى الكفيل. فمثلاً لو كان دخل رب الأسرة أقل من 1000 ريال فإنه يحق له جلب عاملة منزل واحدة. في حال إصداره لرسالة عدم ممانعة فإنه لن يمكنه جلب عاملة أخرى بديلة حتى تنقضي مدة السنتين.
لكن هناك مشكلة في هذا القانون تتعلق بالعمالة الذين يكملون مدة السنتين ثم يقررون الانتقال للعمل لدى كفيل آخر. القانون يقول أنه حتى في هذه الحالة لا يمكن للعامل العودة للعمل في السلطنة إلا برسالة عدم ممانعة. وهذه تسبب إشكالية للعامل وللكفيل على حدٍّ سواء. ولكن من ناحية أخرى يتعلل بعض أرباب الأعمال أن لديهم مشاريع تمتد لأكثر من سنتين ولا يريدون خسارة العمالة في منتصف المشروع، فيأتي هذا القانون لينصفهم. هذه الجزئية بالذات مثيرة للجدل.
سيكثر الهرج والمرج مع التعديلات الجديدة، والتي أراها ممتازة جداً للحد من تجارة البشر التي تحدث في سوق العمل بالسلطنة، ولكن تبقى الجزئية الأخيرة عائقاً، ونتمنى من الوزارة وضع آلية لتجاوزه.