ربيع الثأر

V

فيما يلي أدناه ترجمة قامت بها إحدى طالباتي للخطاب المشهور في فيلم V for Vendetta.

شكرا لسناء الخيارية على الاختيار والترجمة.

هذا النص مترجم عن خطاب مأخوذ من فيلم (V for Vendetta) والذي يحكي عن حارس مُقنع يُخطط لإسقاط حكومة بريطانية فاسدة وإعلامها المتواطئ معها لقمع الشعب واخفاء الحقيقة عنه.

في أول ربع ساعة من الفيلم، يداهم الرجل المقنع المبنى الإعلامي ويحتجز غرفة التحكم ويبث هذا الخطاب لشعب لندن عبر قناة الأخبار الطارئة المخصصة فقط لبث خطابات رئيس الحكومة المستشار الأعلى آدم ستلر.

 

ترجمة: سناء أحمد علي الخياري

مساء الخير يا لندن، بداية أعتذر على هذه المقاطعة. إني أقدر -كالعديد منكم- وسائل الراحة اليومية، والصحبة الآمنة، وهدوء الحياة الروتينية، فأنا أستمتع بها بقدر ما يستمتع بها أي شخص آخر.

ولكن، باسم روح الذكرى، فإن أحداث الماضي المهمة، التي غالبا ما تكون مرتبطة بموت أحدهم، أو مرتبطة بنهاية صراع رهيب دامي، أو احتفال بمناسبة سعيدة.. أعتقد أننا إذا أخذنا دقائق معدودة من حياتنا اليومية وتحدثنا قليلا يمكننا عندها وضع بصمة في الخامس من نوفمبر، والذي للأسف لم يعد يُتَذَكّر.

هناك من يريدنا أن نخرس، وأنا أعتقد أن في هذه اللحظة هناك أوامر تُصدر عبر الهواتف، ورجال مدججين بالسلاح في طريقهم إلى هنا، ولكن، لماذا؟ لأن في الوقت نفسه الذي تُستخدم فيه الهراوة عوضا عن الحوار، تتمسك الكلمات بقواها وتوفر الوسائل للمعاني، وتعلن الحقيقة للذين يصغون. والحقيقة هي أن هناك خطبٌ جَلل في هذه البلاد، أليس كذلك؟ القسوة والظلم والتعصب والاضطهاد. وحينما كانت لدينا حرية الاعتراض والتفكير والتحدث بما نراه مناسبا، نجد الآن أنظمة المراقبة تجبرنا على الالتزام وتخضعنا على الإذعان.

كيف حدث هذا ؟

من المُلام؟

بالتأكيد هناك من هم أعلى درجة في المسؤولية من الآخرين، وهم من سيتم محاسبتهم. ولكن الحق يقال، فإذا كنتم تبحثون عن المذنب، ما عليكم سوى النظر في المرآة. أعلم لماذا فعلتموها، وأعلم أنكم كنتم خائفين، ومن لا يكون كذلك؟ حرب وإرهاب ومرض. لقد كانت مشاكل لا تعد ولا تحصى، حيث تآمرت لتفسد عقولكم وتسلبكم من منطقكم السليم. والآن قد قضى عليكم الخوف، وانقدتم بذعركم إلى المستشار الأعلى الحالي، آدم ستلر.

وعدكم بالنظام ووعدكم بالسلام، وكل ما طلبه منكم في المقابل كان صمتكم و طاعتكم العمياء.

لهذا قررت في الليلة الماضية إنهاء هذا الصمت. حيث دمرت تمثال الأولد بايلي، وذلك لكي أذكر هذه البلاد بما قد نسته. فمنذ أكثر من 400 سنة مضت، تمنى مواطن مخلص أن يرسخ ذكرى الخامس من نوفمبر في ذاكرتنا. وكان أمله أن يُذكّر العالم بأن الإنصاف و العدالة والحرية ليست مجرد كلمات، بل هي أفعال.

لذلك إذا لم تستبينوا شيئا إلى الآن، وإذا بقيت جرائم هذه الحكومة معمية عليكم، عندها سأقترح عليكم أن تدعوا الخامس من نوفمبر يمضي بلا ذكرى. ولكن إذا كنتم ترون ما أرى، وتشعرون بما أشعر، وستسعون كما سأسعى، عندها أطلب منكم أن تقفوا بجانبي بعد سنة من هذه الليلة خارج بوابات مبنى البرلمان، ومعا سنجعلهم يشهدون خامسا من نوفمبر لا يُنسى أبدا.

بواسطة Badr Al Jahwari

ثقافة سينما 2

2372874076

 

 

 

تطرقت في عمودي السابق إلى السينما كفضاءٍ ثقافي، وإلى فعل “الذهاب للسينما cinemagoing” كفعلٍ ثقافيٍ اجتماعيٍ بامتياز. في هذا المقال سأتناول هذا الفعل كسلوك حضاري بما يشمله من آدابٍ مستدلا بتطبيقات فعلية حول العالم.

(1)

عديدةٌ هي تصنيفات مرتادي السينما، لكن لا يختلف اثنان أن هناك دائما من يعرف بالمشاهد “الثرثار” والذي يكون في كثيرٍ من الأحيان إما أنه خبير أو “فلتة” في الفيلم والمخرج والممثل، فيشرح التفاصيل لمن حوله، بل وأحيانا يكون قد شاهد الفيلم سابقاً فلا يستطيع كبح جماح لسانه في قتل المفاجآت، أو يكون على النقيض تماما فلا يدري “كوعه من بوعه” في الفيلم وبالتالي يمضي وقته في الثرثرة. وأكبر المتضررين طبعاً هم من يجلسون قربهم، وإذا ما حاولت إسكاتهم بألطف الطرق فإنك – بالنسبة لهم – قد تعديت على حقوقهم المدنية. في كثيرٍ من صالات السينما بالولايات المتحدة يوجد من مهمته “طرد” هؤلاء المثرثرين، ولذا – ودرءاً للفضائح – تجد كل منهم صامتا بعيداً عن أي جلَبة.

(2)

في إحدى صالات السينما بولاية تكساس الأمريكية، طُردت امرأة كانت تستخدم هاتفها أثناء الفيلم، ليس لأنه كان يصدر ضوضاء، بل لأن وميض شاشته كانت تكسر الجو المظلم في الصالة وبالتالي تشتت انتباه المشاهدين. بينما في عُمان يتصل أحدهم بصديقه ليعطيه توقعاته لمباراة برشلونة التي سيشاهدانها معا بعد الفيلم.

(3)

ينتهي الفيلم.. تقوم من مقعدك فترى الأرض قد امتلأت بعلب الكولا والبشار و”الناتشوز”، فتدوس عليها موقناً أن هناك ثمّة عاملٍ أسيوي سيقوم بعملية التنظيف، والتي تستغرق 20 دقيقة على الأٌقل. في أوروبا والولايات المتحدة تفرض غرامات على من يترك أي فضلات بالقرب من مقعده، لماذا؟ أولا لأن النظافة بالنسبة لهم ثقافة. ثانيا لأن تلك العشرين دقيقة يمكن توفيرها لتعطي مجالاً لعرض فيلمٍ آخر. باختصار، إنه تسخير التعاليم الإسلامية لأغراض رأسمالية، وطبعاً الرأسمالية حرام بالنسبة لنا ولذلك يجب أن نرمي بالمخلفات على الأرض.

(4)

كلنا نحب الأطفال.. لكن هذا لا يعني أن نصطحب طفلاً عمره عامين إلى السينما، فنظرتي إلى طفلك ستتغير إذا ما كان سببا في إفساد أمسيتي. وإذا ما أردت أخذ أطفالك – الذين قد وصلوا لسنٍّ يسمح لهم بفهم معنى “سينما” – فاختر لهم فيلماً مناسبا. أذكر أنني شاهدت امرأةً تجادل المسؤولين في السينما لأنهم رفضوا إدخال طفلها ذو الثمانية أعوام من دخول قاعة فيلم Saw.

عزيزي مرتاد السينما. لا نطلب منك الكثير، فقط أغلق هاتفك (تماما) وفمك أيضا. لا تصطحب معك أطفال إلا لأفلام الأطفال. أترك تحليلات الفيلم للجلسة النقاشية في السيارة بعد مغادرتك للقاعة. ولا تنسَ أن تحمل مخلفاتك معك وأن تغادر القاعة.

آه.. تذكّرت.. حاول أن تفتح أكياس البطاطس بهدوء فصوتها يزعج بعض أصحاب الآذان المرهفة.. مثلي.

بواسطة Badr Al Jahwari

ثقافة سينما 1

200429986-001

 

تقول كريستين جيراتي في مقالها “السينما كفضاءٍ ثقافي” أنه رغم ظهور السينما في نهايات القرن التاسع عشر إلا أنها لم تُعط الكثير من الأهمية من قبل الطبقات المثقفة في أوروبا، ولكن مع دخول التقنيات الصوتية في الثلاثينات وبداية الدولة العصرية في بريطانيا في الخمسينات أصبحت السينما ملاذا لأولئك الهاربين من مسؤوليات الدولة العصرية وحنينا لأجواء الطبقة النبيلة التي باتت جزءا من الماضي.

تغير مفهوم “الذهاب للسينما Cinemagoing” من مجرد وقت لقضاء السهرة إلى حدث ثقافي بامتياز، إذ تشير يلينا جيفيموفا في دراستها عن “السيميائيات الثقافية ومفهوم الذهاب للسينما” أن مرتادي السينما هم “عاملون ثقافيون” وينقسمون إلى نوعين، فالنوع الأول هو النوع غير الرسمي والذي تسميه الباحثة “loose” إذ أنه لا يضع سببا وجيها سوى لقضاء سهرة مع أحد الأصدقاء وبالتالي يصبح فعل الذهاب للسينما حدثا ثانويا تحت مظلة “السهرة” التي قد تشتمل على أكثر من حدث، كالعشاء مثلا. أما بالنسبة للنوع الثاني والذي تشير له الباحثة بأنه رسمي “formal” فإنه يعدّ الذهاب للسينما حدثا بذاته لا يقترن بأي حدث آخر، ويشترك هذا الصنف من العاملين الثقافيين في العديد من الخواص أهمها الثقافة السينمائية العامة والدقيقة والتي تمهد الطريق للغة حوارية متخصصة في العمل السينمائي كالسيناريو واللمسات الإخراجية، بل قد يختارون فيلما بسبب كاتبٍ أو مخرجٍ معيّن متجاهلين الممثل والذي يراه الصنف الأول عاملا أهم.

وأشارت الباحثة في دراستها لمرتادي السينما في فنلندا والبرتغال أن أكثر مرتادي أفلام هوليوود وتحديدا أفلام الإثارة هم من فئة الشباب، بينما يميل كبار السن للأفلام التاريخية والنقدية ومنهم من يفضل الأفلام المحلية بدلا من أفلام هوليوود، ولا غرابة في ذلك إذا نظرنا إلى عوامل الذهاب للسينما حسب التصنيف أعلاه إذ يميل أكثر الشباب للصنف الأول بينما يميل كبار السن إلى الصنف الرسمي النقدي حيث يميلون لمناقشة الثيمات التي يحويها العمل السينمائي أكثر من اهتماهم بنسبة الإثارة فيه.

وبالنظر إلى سلطنة عمان فإنه لا يوجد – على حد علمي – أي دراسة ميدانية عن التنوع الديموغرافي أو التعليمي لمرتادي السينما إلا أنني لا أتوقع نتائج مختلفة عن تلك التي جاءت في فنلندا والبرتغال إذ يغلب على نقاشات الأوساط الثقافية في عمان الحديث عن أفلام محددة معظمها إما أن يأخذ الطابع التاريخي أو الديني مثل “مملكة السماء” و”لينكولن”  أو يكون مقتبسا من روايات شهيرة مثل “حياة باي” و”البؤساء” بينما يميل فئة الشباب لمتابعة أفلام الإثارة والتشويق وتحديدا لممثلين (وليس مخرجين أو كتاب) من أمثال جايسون ستاثام وتوم كروز. وهناك من يقول بأنه لا يذهب للسينما إلا لأجل المؤثرات السمعبصرية التي لا تتوفر في المنزل، ولكن تبقى فكرة “الذهاب للسينما” عملا ثقافيا في المقام الأول يؤسس لإطارٍ حواري على أكثر من صعيد ولو اختلفت التصنيفات.

بواسطة Badr Al Jahwari