تقييم الأقران

peer evaluation

كتبت مقالا قبل فترة بعنوان “قيّموا أنفسكم قبل أن…” يناقش التقييم الفصلي الذي يقدمه طلبة الجامعة نهاية كل فصل دراسي، وكان من بين الاقتراحات التي أدرجها المقال لتطوير هذه العملية “ترسيخ مفهوم النقد الإيجابي لدى الطلبة عن طريق استخدامه كوسيلة تدريسية لتطوير مهاراتهم النقدية”، أي أن تكون عملية النقد والتقييم جزءاً لا يتجزأ من النشاط الدراسي. وتفعيلا لهذا الاقتراح ألزمت طلبتي بعرض Presentation على أن يقوم الطلبة أنفسهم بتقييم زميلهم (أو زميلتهم) الذي يقدم العرض. ولتسهيل المهمة قمت بتصميم استمارة تقييم بمعايير محددة يتبعها المقيّمون أثناء تقييم صاحب العرض.

تسمى هذه الآلية بـ “تقييم الأقران” Peer Evaluation وتستخدم بشكلٍ مكثف في معظم الجامعات العالمية مما يخفف عبء التقييم على المدرس من جهة، ويعطي الطالب فرصة لتطوير مهارات التفكير النقدي لديه. وقد شرحت أهمية هذه الآلية للطلبة وطلبت منهم أن يأخذوها بمحمل الجد بعيدا عن المحاباة وإساءة استخدام السلطة التي بين أيديهم، خاصة أن الدرجة التي وضعتها هي 5% فقط من إجمالي المقرر وبالتالي لن تؤثر كثيرا على معدل الطالب. في نهاية المقرر أعطيت الطلبة استبانة لمعرفة آرائهم حول استخدام هذه الآلية كوسيلة تقييم.

أشار معظم الطلبة إلى إيجابية هذه الآلية خاصة أنها أول مرة يطلب منهم إبداء رأيهم في أي عمل، وهذه النقطة بحد ذاتها تثير الكثير من التساؤلات حول مدى الاهتمام بالتفكير النقدي في العملية التعليمية سواء في الجامعة أو حتى في المرحلة الدراسية، إذ أشارت معظم الردود إلى تخوف كبير في أولى محاولات التقييم وعدم وجود ثقة في النفس لإبداء الرأي، ولكن مع مرور الوقت بدأ الطلاب باكتساب هذه الثقة وأصبح تقييمهم أكثر موضوعية ومهنية.

ولكن – بطبيعة الحال – ظهرت بعض الأصوات المعارضة للفكرة والتي يبدو أنها ترفض التحرر والتي ما زالت تؤمن أنها لا تملك المعرفة أو الخبرة لإبداء أي رأي، فكانت بعض الإجابات مباشرة مثل “أعطيت صديقاتي المقربات درجة كاملة”، أو “أنا ما أعرف إذا صح أو خطأ عشان كذا عطيتهم كلهم نفس الدرجة”، بينما تأثر البعض بالدرجة التي حصل عليها فتغيرت وجهة نظره وأصبح إما قاسيا جدا في التقييم أو سخيا لأبعد الحدود.

هذه التجربة أثبتت أنه رغم وجود بعض الشواذ إلا أن الطلبة لديهم الفكر والقدرة على تقديم نقدٍ موضوعي، كما لديهم القابلية على تطوير مهاراتهم النقدية، وبالتالي على الجامعة أن تأخذ مسألة التقييم الفصلي بمحمل الجد لتكون جزءا لا يتجزأ من عملية التقييم الكامل للمدرس والمنهج على حدٍّ سواء.

بواسطة Badr Al Jahwari