اتحاد المترجمين العمانيين

لم يخلُ المؤتمر العربي الرابع للترجمة – كما هو الحال لدى جميع أشقائه وشقيقاته من ندوات ومؤتمرات ومحاضرات في الترجمة – من دعوة لإقامة جمعية للمترجمين في السلطنة، والسؤال الأبرز لدى الجميع هو “إن كانت هناك فعلا أكثر من دعوة لإنشاء الجمعية، فلماذا لا يوجد تحرك واضح نحوها؟”

فكرة الجمعية العمانية للمترجمين بدأت باجتماع في 2006 لوضع الخطوط العريضة للجمعية، والغريب في الأمر أن المبادرة لم تأتِ من عماني وإنما من مترجم عربي يعيش في السلطنة منذ حوالي ربع قرن، فما سر الاهتمام فجأة بإنشاء جمعية؟ خاصة وأن أول دفعة من متخصصي الترجمة في السلطنة كانت على وشك أن تتخرج في نفس العام. فهل هو خوف من منافسة الشباب العماني للمخضرمين أسياد السوق؟ وما هي الأهداف التي تنوي هذه الجمعية تحقيقها؟ أُجيب على هذه الأسئلة في ذلك الاجتماع؛ إذ بدا أن التوجه لم يكن حقيقة لإنشاء جمعية بقدر ما هو لنقابة “تجيز” ممارسة الترجمة من عدمها، كما هو الحال في الولايات المتحدة على سبيل المثال؛ إذ لا يمكن لمحامٍ أو طبيب ممارسة المهنة إلا بإجازة من النقابة المختصة. ولأن صورة النقابات في عمان ضبابية غير واضحة المعالم فقد تحول التوجه نحو تأسيس جمعية أهلية، ولكن هذا يعني العمل تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية، والخضوع لقانون الجمعيات الأهلية الصادر بالمرسوم السلطاني (14/2000م)، مما يعني انتفاء الصفة التشريعية لهذه الجمعية، ولذا انسحب أصحاب المصلحة الأساسية وأصبحت فكرة الجمعية جزءا من الماضي.

بعد ذلك بعامين طرأ توجه آخر للترجمة معني بالثقافة، فولدت أسرة الترجمة في النادي الثقافي، ولكنها ما لبثت أن وئدت، وأعقبها حل جميع أسر النادي الثقافي، فعدنا بخفي حنين لنقطة الصفر.

واليوم نعود من جديد لإحياء هذه الجمعية، ولكن هذه المرة نودها – أو أودها شخصيا – اتحادا للمترجمين العمانيين يهدف أساساً إلى الارتقاء بمهنة الترجمة في السلطنة على مستويين: الأول عن طريق تأهيل المترجمين العمانيين سواء بإقامة الدورات التخصصية أو الندوات والمحاضرات، والثاني عن طريق تثقيف المجتمع وسوق العمل بأهمية المتخصص في الترجمة، وذلك لإزالة النظرة الدونية تجاه المترجم التي تمارسها كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة. وسنعمل في الأيام المقبلة بمشيئة الله على وضع اللبنات الأولى لهذا المشروع الوطني بامتياز.

بواسطة Badr Al Jahwari

رياء النفس

لم يكن جوشا بيل يدرك هول المفاجأة التي سيتلقاها جراء تلك التجربة التي قام بها في محطة قطارات واشنطن. جوشا بيل هو أحد أبرز عازفي الكمان على مستوى العالم، وقد تمت دعوته للمشاركة في حفل موسيقي ضخم في بوستون بلغت قيمة حضوره 100 دولار للكرسي الواحد. بعد يومين من الحفل ارتدى بيل ملابس متسول وذهب إلى محطة قطارات واشنطن وبدأ بعزف ستة مقطوعات لباخ لمدة 45 دقيقة في وقت ذروة محطة القطارات حيث يقدر عدد مرتادي المحطة في تلك ال45 دقيقة حوالي 1100 راكب.
بعد ثلاثة دقائق من بداية عزفه، انتبه له أول المسافرين الذي خفف من سرعته قليلا وتوقف لثوانٍ قصيرة ثم أكمل سيره. بعد دقيقة حصل على إكرامية من سيدة رمت بدولار أمامه وأكملت سيرها بدون أن تتوقف. بعد بضعة دقائق توقف أحد المارة واتكأ على جدار ليستمع لعزف بيل، ولكنه ما لبث أن نظر إلى ساعته ثم أكمل سيره. كان أكثر من أبدى اهتماما بالعزف طفل صغير قاوم دفعات أمه المستعجلة وهو يلتفت للخلف، وقد تكرر الفعل ذاته مع عد من الأطفال بيد أن آباءهم – بلا استثناء – لم يسمحوا لهم بالتوقف.
خلال ال45 دقيقة التي عزف فيها بيل لم يتوقف سوى ستة أشخاص ليستمعوا له، وتبرع له حوال 20 شخص بدون ان يتوقفوا للاستماع لعزفه، وكان إجمالي ما جمعه 32 دولار بعد أن عزف بعض أفضل المقطوعات الموسيقية في العالم والتي بلغت قيمتها أكثر من ثلاثة ملايين دولار. وعندما فرغ بيل من عزفه لم يكن سوى الصمت المطبق حليفه، لم يكن هناك أي تصفيق أو هتاف، لم ينتبه له أحد.
كانت تلك تجربة أجرتها واشنطن بوست حول اهتمامات البشر وأولوياتهم، وكان السؤال المطروح: هل لنا أن نستشعر الجمال في مكان اعتيادي وفي وقت غير مناسب؟ وهل يمكننا اكتشاف الموهبة في أقل الأماكن توقعا؟
أحد استنتاجات الدراسة كانت: إن لم يكن لدينا من الوقت للتوقف والاستماع إلى أحد أبرز العازفين في العالم وهو يقدم بعض أبرز المقطوعات، فكم من الأشياء الجميلة التي تفوتنا؟
أسئلة أخرى نطرحها: هل حقا من يحضر الحفلات الموسيقية متذوق للموسيقى أم أنه فقط من باب رياء النفس ومحاولة عيش لحظات برجوازية ليقول لنفسه: أنا حضرت حفل فلان وفلان؟ ألا توجد هناك الكثير من المواهب الفنية الرائعة والتي لا نلتفت لها بحجة أنه لم يلتفت لها النقاد؟ ثم نعض أصابع الندم بعد أن يتبناها الغير؟ ولنا في شيماء المغيري مثال…
بواسطة Badr Al Jahwari